يعد كسر العظمة الزورقية (Scaphoid Fracture) من الإصابات الشائعة في منطقة المعصم، وغالبًا ما تحدث نتيجة السقوط على اليد الممتدة وذلك نتيجة حادث مباشر يؤدي إلى كسر هذه العظمة الصغيرة الموجودة في قاعدة الإبهام.
ونظرًا لموقعها الحساس ودورها الحيوي في حركة اليد، يمكن أن تتسبب كسور هذه العظمة في مضاعفات طويلة الأمد إذا لم تُعالج بشكل صحيح.
في هذا المقال، يذكر الدكتور يوسف سرحان استشاري الطب الطبيعي والتأهيل واستشاري جراحة العظام والمفاصل أسباب هذا النوع من الكسر، الأعراض المصاحبة له، وأساليب العلاج المتاحة لتحقيق الشفاء الكامل.
ما هو كسر العظمة الزورقية؟
كسر العظمة الزورقية هو كسر شائع في قاعدة الإبهام يؤثر على إحدى العظام الصغيرة في المعصم، والتي تلعب دورًا مهمًا في الحركة والاستقرار.
وتنقسم العظمة الزورقية إلى ثلاثة أقسام رئيسية، وكل منها يمكن أن يتعرض للكسر:
- القطب البعيد: وهو الجزء الذي يقع بالقرب من اليد والأصابع، بعيدًا عن الساعد.
- خصر الزورقي: الجزء الأوسط من العظمة الزورقية، وهو الأكثر عرضة للكسر حيث يحدث لدى حوالي 70% من الحالات.
- القطب القريب: الجزء الذي يقع بالقرب من الساعد، والذي يشير نحو الجسم.
ويجدر بالذكر أن حوالي 15% من إصابات المعصم هي بسبب كسر العظمة الزورقية.
أسباب كسور العظمة الزورقية
تشمل الأسباب ما يلي:
الوقوع على يد ممدودة
يُعتبر السبب الأكثر شيوعًا حيث يحدث الكسر عندما يسقط الشخص على يده المفتوحة مع تمديد المعصم، مما يؤدي إلى ضغط قوي على العظمة الزورقية، والذي بدوره يؤدي إلى الكسر.
الإصابات الرياضية
الأنشطة الرياضية التي تتضمن احتكاكًا جسديًا أو السقوط مثل كرة القدم، كرة السلة، أو التزلج يمكن أن تؤدي إلى كسر العظمة الزورقية.
الحوادث المرورية
التصادمات القوية مثل حوادث السيارات يمكن أن تسبب ضغطًا مفاجئًا على المعصم مما يؤدي إلى كسر العظمة الزورقية.
الصدمات أو الضربات المباشرة على المعصم
التعرض لضربة مباشرة على المعصم أو اليد يمكن أن يؤدي إلى كسر العظمة الزورقية.
الأشخاص المعرضين للإصابة بكسر العظمة الزورقية
الأشخاص الأكثر عرضة لهذا النوع من الكسر هم:
الرياضيون
خاصة أولئك الذين يمارسون رياضات مثل كرة القدم، كرة السلة، والتزلج، حيث يتعرضون للسقوط أو الصدمات بشكل متكرر.
الأشخاص الذين يعانون من هشاشة العظام
ضعف ونقص كثافة العظام يزيد من احتمالية الكسر عند التعرض لأي ضغط.
العمل في مهن يدوية
ويشمل وظائف تتطلب استخدام اليدين بشكل مكثف، مثل عمال البناء، النجارين، والميكانيكيين.
هؤلاء الأشخاص غالبًا ما يرفعون أوزانًا ثقيلة، يستخدمون أدوات قوية، أو يعملون في بيئات قد تؤدي إلى السقوط أو التعرض لضغوط مباشرة على المعصم.
لذلك هذه الأنشطة تزيد من خطر الإصابة بكسر العظمة الزورقية عند حدوث حادث أو سقوط مفاجئ.
الأطفال
الأطفال معرضون لكسر العظمة الزورقية بشكل أكبر بسبب نشاطاتهم اليومية وحركتهم الزائدة خلال اللعب أو ممارسة الرياضة، حيث أنهم قد يتعرضون لسقوط أو إصابات تؤثر على معصمهم.
ونظرًا لأن عظامهم لا تكون دائمًا قوية تمامًا كعظام البالغين، فإن الإصابات البسيطة مثل السقوط أو التواء معصم قد تؤدي إلى كسر العظمة الزورقية.
علامات تشير إلى كسر العظمة الزورقية
يمكن أن تظهر أعراض كسر العظمة الزورقية بعد الإصابة، وقد تختلف في شدتها حسب نوع الكسر ومدى الإصابة.
الأعراض الشائعة تشمل:
- ألم في المعصم وعادةً ما يكون قريب من منطقة قاعدة الإبهام ويزداد شدة عند تحريك المعصم أو الضغط عليه.
- تورم حول المعصم، والذي قد يمتد إلى الإبهام أو اليد.
- ظهور كدمات في المنطقة المصابة نتيجة النزيف تحت الجلد.
- قد يواجه الشخص صعوبة أو ألمًا عند محاولة تحريك المعصم أو الإبهام.
- يمكن أن يكون هناك حساسية شديدة عند لمس المنطقة المصابة.
- في حالات الكسور الشديدة، قد يظهر تغير في شكل المعصم أو اليد.
طرق تشخيص كسور العظمة الزورقية
لتشخيص كسر العظمة الزورقية، يستخدم الأطباء مجموعة من الطرق التي تشمل الفحوصات السريرية والتصوير الطبي.
إليك الطرق الشائعة لتشخيص هذا النوع من الكسور:
الفحص السريري
يقوم الطبيب بفحص المعصم ومراقبة مدى الألم، التورم، أو الكدمات، ويمكن أيضًا فحص مدى حركة المعصم.
الأشعة السينية (X-ray)
تُستخدم لتحديد ما إذا كان يوجد كسر في العظمة الزورقية أم لا، ولكن يمكن أن تكون الكسور الصغيرة أو غير الواضحة في الأشعة السينية التقليدية صعبة الكشف في المراحل الأولى.
التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)
يوفر صورة مفصلة للعظام والأنسجة الرخوة، ويساعد في الكشف عن الكسور الصغيرة أو غير المرئية في الأشعة السينية، وكذلك يمكنه تحديد الحالات التي قد تكون مصحوبة بمشاكل في الأنسجة المحيطة.
التصوير المقطعي المحوسب (CT scan)
يوفر صورًا مقطعية ثلاثية الأبعاد للمعصم والعظمة الزورقية، مما يساعد في تقييم الكسور بدقة وتحديد مدى تضرر العظمة.
التصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound)
يستخدم أحيانًا لتقييم الحالة في بعض الحالات الطارئة أو عندما يكون من الصعب الحصول على الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي.
طرق علاج العظمة الزورقية
تشمل طرق العلاج المتبعة:
التثبيت بجبيرة أو قالب جبس
تُستخدم لتثبيت المعصم ومنع الحركة لضمان التئام الكسر، وغالبًا ما يُستخدم الجبس لمدة تتراوح من 6 إلى 12 أسبوعًا حسب حالة الكسر.
إجراء الرد المغلق
وهو إجراء يجرى عادةً تحت التخدير الموضعي، يتم فيه ضبط العظمة المكسورة إلى موضعها الصحيح دون الحاجة لجراحة، عن طريق تطبيق الضغط والسحب على المنطقة المصابة.
ويُستخدم بشكل شائع للكسور البسيطة أو القديمة التي لم تتسبب في تشوهات كبيرة.
أدوية لعلاج كسر العظمة الزورقية
يوصي الطبيب غالباً باستخدام مسكنات الألم، مثل الأسبرين أو الإيبوبروفين لتخفيف الألم والتورم.
العلاج الطبيعي
العلاج الطبيعي يلعب دوراً حيوياً في عملية التعافي بعد كسر هذه العظمة، حيث أنه يساعد في تعزيز تدفق الدم إلى المنطقة المصابة، واستعادة حركة المعصم تدريجياً، بالإضافة إلى تقوية العضلات المحيطة بالعظمة الزورقية.
وقد يشمل برنامج العلاج الطبيعي:
- تمارين التمدد (Stretching Exercises): تبدأ الجلسات بتمارين خفيفة لتمديد العضلات والمفاصل المحيطة بالمعصم، هذه التمارين تساعد في تقليل التصلب وتحسين مرونة المعصم.
- تمارين لتحسين نطاق الحركة (Range of Motion Exercises): تهدف هذه التمارين إلى استعادة الحركة الطبيعية للمعصم الذي قد يكون عانى من جمود أو تقييد بسبب الكسر والتثبيت، وتشمل تحريك المعصم في اتجاهات مختلفة ببطء وزيادة نطاق الحركة تدريجياً.
- تمارين القوة (Strengthening Exercises): بعد أن يتم الشفاء الأولي، يُنصح ببدء تمارين لتقوية العضلات المحيطة بالمعصم.
يمكن أن تشمل هذه التمارين استخدام أوزان خفيفة أو أدوات مقاومة لتحسين القوة والدعم للمعصم.
- تمارين التوازن (Balance Exercises): تساعد تمارين التوازن في تحسين التنسيق العام للمعصم واليد، ويمكن أن تشمل تمارين مختلفة مثل استخدام كرات التوازن.
- العلاج بالبرودة أو الحرارة (Cold/Heat Therapy): يستخدم العلاج بالبرودة لتقليل التورم والألم خلال المرحلة المبكرة بعد الإصابة، ويمكن استخدام الحرارة بعد مرور فترة لتخفيف التصلب وزيادة تدفق الدم.
- المساج والعلاج اليدوي (Manual Therapy): يمكن أن تشمل جلسات المساج لتخفيف الألم وتحسين تدفق الدم، مما يساعد في استعادة مرونة المعصم.
الإجراءات الجراحية
تشمل ما يلي:
- التثبيت الداخلي: يتضمن إدخال قطع معدنية داخل الجسم، مثل: الصفائح والمسامير أو الدبابيس والأسلاك لتثبيت العظام المكسورة، مما يساعدها على الالتئام بشكل صحيح.
- عملية ترقيع العظام: تجرى عند وجود ازاحة شديد في الكسر أو عدم التئام العظام بشكل صحيح، حيث يتضمن إدخال مواد عظمية إضافية إلى منطقة الكسر لتعزيز الشفاء.
إعادة التأهيل المتقدم بعد جراحة العظمة الزورقية
في حالات الكسور الشديدة أو تلك التي تتطلب جراحة، يركز العلاج الطبيعي على تعزيز تعافي العظام بعد العملية الجراحية، من خلال التمارين الخاصة والدعم الوظيفي لعودة المعصم إلى حالته الطبيعية.
اقرأ أيضًا: هل يمكن الشفاء التام من خشونة الركبة؟
المصادر:
- Professional, C. C. M. (n.d.). Scaphoid fracture. Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/22240-scaphoid-fracture
- Scaphoid fracture of the wrist – OrthoInfo – AAOS. (n.d.). https://orthoinfo.aaos.org/en/diseases–conditions/scaphoid-fracture-of-the-wrist/
- Steffes, M. J., MD. (n.d.). Scaphoid fracture – hand – orthobullets. https://www.orthobullets.com/hand/6034/scaphoid-fracture